بدائية الإنسان الأول وهم لا حقيقة!!

الرابط المختصر
Image
بدائية الإنسان الأول وهم لا حقيقة!!

بدائية الإنسان الأول وهم شائع اختلقته الآيديولوجية الداروينية التطورية، ونشرته وسائل الإعلام، وخاصة عبر أفلام الكرتون، التي صورت الإنسان الأول شبه عارٍ إلا من قطعة من جلد حيوان وصورته لا يجيد الكلام إلا بالإشارة، ويحتقر المرأة من خلال جرها على الأرض من شعرها، وكل هذه الصور هي خيالات وهمية ليس لها أي مستند سوى البحث عن الغرابة والطرافة تماشياً مع الفكرة الحيوانية للإنسان التي نادى بها دارون ومؤيدوه. وعلى وهم بدائية الإنسان الأول شيدت النظريات المتعارضة والمتناحرة لعلم الإجتماع الدينى التي قررت أن الدين منتج طارئ في البشرية وتطور عبر محطات السحر ومن ثم عبادة الطبيعة والأرواح وبعدها الأصنام والطوطم وبعدها اخترع التوحيد، لإعتقادهم أن افنسان الأول كان بدائياً لا يمكن ان يستوعب فكرة وجود إله متعالى مطلق القدرة والمعرفة!! كما بين ذلك الدكتور علي سامي النشار في كتابه "نشأة الدين"، حيث عرض لنظريات علم الإجتماع الدينى وأنها لم تقم على دراسات علمية دقيقة ولا مستوعبة وأن توالى الإكتشافات كان يبطل كثيراً من فرضياتها، سوى نظرية "الأب شمت" التي أثبتت أن الإيمان بإله واحد في السماء كان هو السابق عند كل التجمعات الإنسانية عبر التاريخ، ونظرية "شمت" التي تثبت سبق عقيدة التوحيد وأوليتها قد تجاهلها بالكلية فراس السواح في كتابه " دين الإنسان" !! ويلاحظ على كتاب النشار الإقتصار على كلام الغربيين فقط وإقراره لفكرة بدائية الإنسان رغم معارضتها لصريح القرآن!! لكن نحن المسلمين نعتقد أن الجنس الإنساني هو جنس مكرم لقوله تعالى: "ولقد كرمنا بنى آدم" (الإسراء 70) ومن مظاهر هذا التكريم أن الله عز وجل خلق الإنسان بيديه سبحانه وتعالى "قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي" (ص 75)، وأنه خلق الإنسان "في أحسن تقويم" (التين 4)، وأيضاً الله عز وجل هو "الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" (الملك 23)، وعلمه أسماء الأشياء، وتشمل القدرة على تسمية الأشياء الجديدة "وعلم آدم السماء كلها" (البقرة31)، ومن تكريم الله للإنسان أن أنزل الله عزوجل الوحي على خاصة الناس من الأنبياء والرسل ليدلوهم على الصراط المستقيم "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (البقرة 38)، وكانت قمة التكريم منح الإنسان القدرة على اختيار سبيله وطريقه في الحياة "وهديناه النجدين" (البلد 10)، "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا" (الإنسان 3).   هذا الإنسان المكرم لم يكن بدائيا أبداً، فلقد عاش في الجنة وعرف النعيم والمتعة والحضارة والمدنية، ولذلك حين بدت عورة آدم وحواء بعد أكلهم من الشجرة المنهية بسبب وسوسة إبليس "طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة" (الأعراف 22)، والشاهد هنا أن آدم وحواء كانا يعرفان اللباس وستر العورة، ولذلك لجآ لأقرب بديل عنه وهو التستر بورق الشجر - وقيل هو ورق التين -الذي يلزقونه مع بعضه حياءً من الله عز وجل. وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره وتاريخه كثيراً من الروايات منها أثر عن ابن عباس أن الله عز وجل قال لآدم: "فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدا"، قال فأهبط من الجنة وكانا يأكلان منها رغداً، فاهبط إلى غير رغد من طعام وشراب، فعُلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد ثم داسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله. وعن ابن عباس أيضاً: " ثلاثة أشياء نزلت مع آدم السندان والكلبتان والميقعة يعنى المطرقة". ومن الإشارات القرآنية لمعرفة وقدرة الإنسان الأول ما ذكره لنا القرآن في قصة نوح عليه الصلاة والسلام الذي كان بعد آدم بعشرة قرون، من أمره ببناء السفينة، قال تعالى: "واصنع الفلك بأعيننا ووحينا" ( هود37)، قال ابن كثير: "وحينا" أي تعليمنا لك ما تصنعه"، وذكر بعدها روايات في تفاصيل بناء السفينة، ومعلوم أن صنع السفينة يحتاج إلى معرفة عقلية وعلمية وقدرة عملية وأدوات مساعدة، ولا يمكن لوهم بدائية الإنسان من القيام بذلك، لأنها لم تكن سفينة صغيرة أو مجموعة ألواح مصفوفة إلى بعضها بشكل بسيط، لأن الطوفان كان شديدا وضخما فتحتاج النجاة منه إلى سفينة قوية وكبيرة، كما أن حمولة السفينة كانت حمولة متعددة حيث حوت زوجين من كل الحيوانات بالإضافة إلى أهل نوح وهذا الأمر يحتاج لمساحة كبيرة.  من خلال هذه الآيات والروايات يتضح لنا عدم بدائية الإنسان وأنه قد منح من الله عزوجل العقل والمعرفة وبعض الأدوات الأساسية، التي تساعده على اداء مهمته في الأرض وهي عمارتها بالعمل الصالح تجاه الله عزوجل بالعبادة والطاعة وتجاه الناس بالإحسان والعدل معهم، وهذه الآيات والروايات تفسر لنا أيضاً تناقض بعض الإكتشافات الأثرية الحديثة مع فرضيات علماء التاريخ والإجتماع والإنثربولوجيا، فقبل عامين تقريبا أعلن عالم الآثار الألماني كلاوس شميدت عن اكتشاف معبد يرجع بناؤه إلى العصر الحجري، أي قبل 11500 سنة أي أنه أقدم من الاهرامات في مصر وانتشار حروف الكتابة في العالم وبعد مضي وقت قصير على انتهاء العصر الجليدي، ويقع في جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود السورية أطلق عليه اسم "غوبالكي تيبي" نقشت على جدرانه نقوش لثعالب وعقارب وأسود ودببة برية وطيور. وهذا الإكتشاف ينسف فرضيات سائدة كثيرة منها أن هذه الفترة (11500 سنة ق.م) لم تكن سوى مرحلة الجمع والالتقاط والتي تلاها مرحلة الصيد، أي أن هذه الفترة كانت قبل مرحلة الزراعة وقبل اكتشاف النار واختراع الفخار، فكيف وجدت نقوش الحيوانات التي يفترض أن الإنسان لم يعرف صيدها إلا بعد سنوات طويلة جداً!. الأمر الآخر المحير هو كيف بني هذا المعبد ونقشت هذه النقوش والمفترض أن الإنسان في تلك الفترة لم يتوصل لصنع الأدوات؟! وأن بناء مثل هذا يحتاج لمعرفة في علوم متعدد ومحترفين في العلوم الرياضية المتعلقة بالحساب والقياس، ونقل الحجارة، وصولا إلى تغذية العمال مما لا يتناسب بشكل مع مجتمع ما قبل الزراعة والمعدن. وقريب من هذا الإكتشاف ما أعلنته مجلة The Prestigious peer review journal science الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 11 يناير 2002م عن عثور عدد من العلماء وفريق من الباحثين على قطعتين حمراوين من النقوش الفنية داخل كهف يعود تاريخه إلى أكثر من 77 ألف عام في إزكولو بجنوب أفريقيا، و أن تلك النقوش تحمل شعارات ورموزا تدل على أن من صنعها كان يمتلك قدرة في الإبداع والفكر، لاحتواء تلك النقوش على شكل هندسي رائع، كما اكتشف داخل الكهف آلات أخرى مصنوعة من العظام، التي استدل بها المكتشفون على أن القدماء الأفارقة كانوا أقدم من عرف السلوك الحضاري قبل أكثر من 35.000 عام من الأوروبيين. ولا تزال الإكتشافات تظهر المزيد من تناقض كل النظريات الباطلة وغير المستندة إلى الحقائق أو الواقع الصحيح، وفي نفس الوقت تنسجم مع حقائق الوحي الإلهي في القرآن الكريم المحفوظ من النقص أو الخطأ أو التحريف، ليكون حجة ودليلاً لطالبي الحق والهداية.