الإسلام خيار الأمة .. وخاسر من يصادمه

الرابط المختصر
Image
الإسلام خيار الأمة .. وخاسر من يصادمه

برغم كل ما تعانيه الأمة الإسلامية اليوم من ضعف وتراجع أو مؤامرات ودسائس أو تشويه ودعاية سوداء فإن الإقبال على الإسلام يزاد يوماً بعد يوم في مختلف أنحاء العالم، وهذا الإقبال له مظهران: المظهر الأول: تزايد أعداد الداخلين في الإسلام سنويا من مختلف البلاد والثقافات والأديان والأجناس، وكل هذا برغم شراسة الهجمة على الإسلام والمسلمين من قبل الحكومات وسياساتها بحجة محاربة التطرف والإرهاب، أو من قبل التيارات العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين، أو من قبل وسائل الإعلام وخاصة الدائرة في الفلك اليهودي والصهيوني. فبحسب عدد من الدراسات فإن الإسلام تنامى في أوروبا بنسبة 235 % خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وتضاعفت أعداد الأماكن التي يلتقي فيها المسلمون من بضع عشرات في ستينات القرن الماضى إلى بضع مئات في بداية الثمانينات أما الآن فقد وصل تعدادها إلى 7500 بين مساجد وقاعات للقاء المسلمين، الأمر الذي اضطر عدداً من بلدان العالم الغربي إلى الاعتراف بالواقع الجديد، وذلك بالاعتراف القانوني بالإسلام.    وهذا كله والإسلام ليس له من الرعاية والحماية والدعم ما يجب أن يكون على مستوى الدول أو الهيئات الإسلامية أو على مستوى البذل والإنفاق أو الإعلام، وإنما هي مبادرات فردية في الغالب وإن جاءت عن طريق بعض الدول والرؤساء، فهي ليست استراتيجية دولة قائمة بذاتها بقدر ما هي استجابة شخصية لطلب من الجاليات أو طلباً للثواب الإلهي على المستوى الفردي. والحال هو كذلك أيضاً على مستوى الهيئات والمنظمات الإسلامية فأعمالها في الحقيقة غالبا ما تقوم على مبادرة فردية للمؤسس وهمّته ونشاطه أكثر من كونها عملا مؤسسيا راسخا يدوم ويستمر بعد وفاة المؤسس. وهؤلاء الداخلون في الإسلام خاصة في أوروبا وأمريكا هم من حملة الشهادات والمناصب العالية وهم يدخلون الإسلام بعد مقارنات وتجارب ثقافية ليست بالسهلة ولا بالبسيطة، وقبل أيام التقيت بشاب أمريكي من نشطاء حقوق الإنسان المدافعين عن القضية الفلسطينية وقد أشهر إسلامه في عمان الأسبوع الماضي وذلك بعد نقاشات عميقة حول الإسلام مع عدد من زملائه والمسلمين، ووجدت معه كتاباً حول الإسلام باللغة الإنجليزية يناقش قضايا عميقة جداً، وقد ملأ هوامشه بالملاحظات والتعليقات، وهذا حتى لا يحاول البعض من التهوين من قيمة دخول الناس في الإسلام، وأن المسلمين لا ينقصهم العدد، وهذا صحيح لكن الإسلام حريص على هداية الناس وإيصال الخير لهم ولذلك يفرح المسلمون بإسلام أي شخص كان، والإنسان الذي يسلم عن قناعة وفهم يكون ذا إنتاجية عالية للمسلمين. المظهر الثاني للإقبال على الإسلام: تزايد أعداد المتمسكين بتعاليم دينهم على كافة المستويات العقائدية والفكرية والعبادية والسلوكية والمظهرية مما جعله ظاهرة عامة لا تخطئها العين في أي بلد مسلم، بل إن مراكز الدراسات العالمية كمركز بيو المتخصص بشؤون الأديان أعلن في نتائج دراسته الأخيرة أن معظم مسلمي العالم يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية في بلادهم، وذلك بعد دراسة استغرقت 4 أعوام (2008 – 2012)، وشارك فيها 38 ألف شخص من 39 بلدًا. ومما يؤيد هذا اكتساح الإسلاميين لأي انتخابات تجرى في أي بلد وفي أي قطاع، برغم كل حملات التشويه والتزييف، وبرغم تعثر الإسلاميين في إدارة الشؤون العامة في بعض القطاعات، لأن الجماهير لم تعد تنطلي عليها الإشاعات والفزاعات ضد الإسلاميين بغير حق، ولكن هذه الجماهير أيضاً عندها القدرة على تأديب الإسلاميين المقصرين واختيار إسلاميين آخرين، كما حدث في تركيا حين اختارت الجماهير حزب أردوغان وتركت حزب أستاذه أربكان. وهذا ينقلنا للحديث عن خسارة من يصادم الرغبة الأممية للمسلمين في الإسلام، الذي هو هوية الناس وروحهم، والذي يثق الناس به وبحمَلته، ولذلك على الدول والأنظمة أن تتصالح مع الإسلام وتحرص على تطبيقه التطبيق السليم إذا كانت راغبة بالبقاء في قيادة شعوبها، وإذا كانت صادقة في أنها لا ترفض الإسلام وإنما ترفض الفهم الناقص للجماعات الإسلامية، فما الذي يمنع هذه الدول والسلطات أن تبادر هي لتقديم التطبيق الصحيح للإسلام في واقعنا وتحل بذلك المشكلة؟ إذا كانت دولنا وأنظمتنا مستعدة لتجرب كل أنواع النظم والدساتير في العالم فما الذي يمنعها إذا من تطبيق الإسلام فتتصالح مع شعوبها وتسحب البساط من تحت أقدام خصومها الإسلاميين؟ ونكون بهذا قد تخلصنا من فزاعة وهمية روج لها بعض المعادين للمشروع الإسلامي بأنه لا يقبل إلا بوصول الإسلاميين للحكم، وذلك بأن يبقى أهل الحكم في حكمهم على أن يحكموا بالإسلام. وأيضاً فإن على الإسلاميين الذين وصلوا للسلطة أو لم يصلوا بعد أن يكون الإسلام هو بوصلتهم دوماً، لا مصالحهم الحزبية، وأن يجدّوا في تقديم الحلول الصحيحة للمشاكل الواقعة ويعملوا على دعم المشاريع السليمة المنتجة للنهضة، وألاّ يغرقوا في دوامة تثبيت أقدامهم فقط في السلطة، أو ينشغلوا بخصومهم غير الشرفاء الذين لا يتورعون عن هدم الدولة لإسقاطهم، وإذا كان الإسلاميون قديماً كانوا يرفضون الإجابة على سؤال: ما هو بديلكم؟ بحجة عدم تمكنهم وأن هذا انشغال لا قيمة له – وهو رأي خاطىء- فما عاد لكم اليوم من حجة وقد وصلتم للحكم. وإذا كان الإسلاميون يعيبون على الأنظمة السابقة خواء وهباء نظامها الإعلامي فلا يجوز لهم الوقوع في نفس الورطة، فيجب عليهم أن لا يكرروا تجربة أربكان التي لخصها بقوله: خضنا المعركة بدون مدفعية ثقيلة وكان يقصد الإعلام وكان هذا من أسباب فشل تجربته في الحكم. كما أن على الإسلاميين العاملين في الدعوة إلى الله مضاعفة جهودهم في هذا المجال إذ زالت كثير من الموانع والعوائق من طريقهم، فليشمروا عن ساعد الجد في الدعوة الإسلامية صدقاً وحقاً، إذا اختاروا نبذ السياسة والمشاركة فيها، أما أن يرفعوا شعارات الدعوة والحث عليها ثم نرى التقاعس والتقصير والإنشغال فقط بنقد المشاركة الإسلامية السياسية فهذا من الجور والظلم البين !     أما خصوم الحل الإسلامي، فعليهم أن يحددوا مسارهم بصدق: هل هم فعلاً مع إعطاء الشعوب حريتها وحقها في الاختيار، أم أنها كانت حجة لهم قديما للتملص من قيود الإسلام والشريعة، لعزوف المسلمين عن المشاركة في الانتخابات وخاصة النقابية والمهنية منها؟ فلما صارت الصناديق تظهر اختيار الأمة للإسلام انقلبتم على أعقابكم وكفرتم بالانتخابات وأصبحتم تطلقون من التصريحات والمواقف المتناقضة ما يشبه حال الخطيب السكران، فتارة تطالبون بحجر الانتخاب عن الأميين أو ثلثي الشعب المصري بحجة أنه غير مؤهل ولا يعرف مصلحته وتارة تؤيدون مشاركة الجيش والشرطة في الانتخابات وأنتم خير من يعلم مدى أمية غالبية الجنود ومدى تبعية هؤلاء العساكر لقادتهم وأن قرارهم ليس بأيديهم!! وأما الأقليات فهي في العالم كله ما عرفت أمناً وأماناً إلا في ظل الإسلام، وهل بقاء الأقليات والأديان بين المسلمين إلا دليل ذلك، فلولا الشريعة الإسلامية التي تحرم الظلم وتمنع الدولة والشعب من الإعتداء على غيرهم هل بقي منهم أحد كما فعلت أوربا باليهود والمسلمين في الأندلس ؟ لكن حماية الأقليات وحفظهم شيء والقبول بعدوان وخيانة بعضهم شيء أخر، إذ كل من يخون أو يعتدى يجب أن يعاقب ويحاسب بالعدل والحق مسلماً كان أو غير مسلم، وبهذا فقط يشيع السلم الأهلي، نعم للأقليات خصوصيتها التي تصان، ولكن للأغلبية دينها وحقوقها وهويتها التي يجب أن تراعى وتحترم، وإلا إذا أجبرت الأكثرية على التخلى عن خصوصيتها لخاطر الأقليات فإن هذا من أكبر صور الظلم، والذي سيفجر المنطقة عاجلاً أو أجلاً. إن الأمة الإسلامية تسير في طريق واضح نحو الإسلام ومجدِه، ومن أراد الكرامة والعزة فليلحق بركب الأمة ويحجز له مقعداً في مقدمة الصفوف، ومن أصر على أن يخالف هوية الأمة ودينها فلن يضرها بشيء ولكنه سيكون الخاسر يقيناً.