عبادة الحجاب

الرابط المختصر
Image
عبادة الحجاب

من البدهيات في دين الإسلام أن الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى ورسوله أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأدلة الحجاب في الكتاب والسنة كثيرة منها قوله تعالى: " وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن " (النور:29-30)، قالت عائشة رضي الله عنها:" يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله:  " وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن " شققن مروطهن فاختمرن بها " (رواه البخاري)، وقوله تعالى: " وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ " (النور:60). ومعلوم أن شروط العبادة المقبولة عند الله أن تكون خالصة له عز وجل، وأن تكون وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن من لبست الحجاب لإرضاء أهلها أو زوجها أو مسايرة بيئتها المحافظة أو عملها، أو من كانت تراعي في حجابها إرضاء أذواق الناس والحصول على استحسانهم بجمال حجابها! فهذه المحجبة عندها خلل عظيم في الشرط الأول من شروط قبول العبادة وهي الإخلاص لله عز وجل، ولا يصلح هذا الخلل إلا بأن يكون رضا الله عز وجل هو الغاية والمقصد الوحيد لها. ويتضح المقصد الحقيقي للمحجبة من حجابها من خلال موقفها من الشرط الثاني للحجاب وهو مدى متابعتها و تقيدها بالطريقة النبوية في أداء العبادة، فمن كانت ترتديه لمسايرة الأهل أو الزوج أو البيئة، أو من كانت تشرك رضا الناس مع رضا الله عن حجابها تجدها في الغالب لا تتقيد بالطريقة النبوية للحجاب، بل هي أسيرة وتابعة لصرعات الموضة في الحجاب! الطريقة النبوية في الحجاب كما أمر وبين النبي صلى الله عليه وسلم هي أن يكون الحجاب واسعاً فضفاضاً يغطي كامل بدن المرأة ما عدا الوجه والكفين، ولا يصف لون البشرة ولا يحدد معالم بدنها، ولا يكون زينة بنفسه ولا يشبه اللباس بالمختص بالرجال أو غير المسلمات. ولكن أغلب المحجبات اللواتي لديهن خلل في شرط الإخلاص لله عز وجل بحجابها، لا تتقيد بهذه المواصفات النبوية، بل تتفنن في مخالفتها أو التحايل عليها، لأنها لا تستطيع تحقيق غاية الحجاب من الإخلاص لله والستر والعفة وغايتها هي من إرضاء الناس والحصول على استحسانهم، ومن أمثلة الخروج عن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في الحجاب: 1- الأشكال المتعددة لربطة الرأس التي تكشف جزء من الرقبة أو الشعر أو الصدر أوالأذنين سوى أنه يلفت بلونه وشكله النظر لجماله وزينته أو لغرابته وعدم انسجامه مع مفهوم الحجاب لدى أصحاب الفطرة السوية. 2- تفصيل معالم البدن بلبس الضيق من اللباس، وخاصة البنطلون والبلوزة أو القميص الضيق. 3- لبس الشفاف والقصير من الثياب. 4- ارتداء الملابس على طريقة غير المسلمات مع وضع غطاء للشعر، كما في لبس الجاكيت الصدر القصير جداً على بلوزة. 4- وضع المكياج والعطور خارج المنزل. يروى أن رجلاً نظر إلى امرأة جميلة ثم قال: أهوى هوى الدين واللذات تعجبني     فكيف لي بهوى اللذات والدين؟ فقالت له المرأة: دع أحدهما تنل الآخر. وهذا هو حال أخواتنا المحجبات حجاب الموضة، لن تنال رضا الله إلا بترك الموضة والتبرج أو لن تنال الموضة والتبرج إلا بترك رضا الله. إن اهتمام دور الأزياء العالمية بالحجاب واختراع أشكال علمانية وليبرالية له يأتي في إطار محاربة الإسلام من الداخل، فكما حرصوا على إفراغ رمضان من محتواه عبر تقديم " رمضان دايت " فهم يحاولون اليوم إفراغ الحجاب من محتواه، عبر الضحك على المسلمات بستر شعرهن بقماش ملون وكشف جسدهن بقماش ضيق وشفاف، على طريقة علب السردين المذبوحة على الطريقة الإسلامية !!! حين تقرأ في جريدة يومية من كبريات جرائد بلاد المسلمين في أول يوم من شهر القرآن شهر رمضان التقرير التالي عن الحجاب: " في ظل التطور الهائل لموجات الموضة لم تعد الطرحة أو الإيشارب، مجرد مكمل لأناقة المرأة، بل أصبح يلعب دورا مهما في إخفاء بعض عيوب الوجه وإبراز جمال المرأة. ويمكن القول انه اكتسب نفس أهمية الشعر وتسريحته، فإذا كان هذا الأخير هو تاج جمال المرأة، فمن البديهي أن تكون الطرحة بالنسبة للمحجبة في أهميته، وبالتالي عليها أن تختار منه ما يناسبها، كما عليها أن تغير من تسريحاتها حتى تتماشى مع خطوط الموضة الحديثة وشكل وجهها ولون بشرتها، والأهم، وفق ما تتطلبه طرحتها وطريقة ارتدائها لها. فالحجاب، كما تؤكد الموضة والشارع، تعدى شكله التقليدي الذي اعتادت أعيننا عليه، وأصبح يأخذ شكل ضفيرة و«كحكة «وشينيون» وغيرها. وترى مصممة ربطات الحجاب وخبيرة التجميل...أن امرأة اليوم أصبحت تهتم بمظهر حجابها وتعطيه عناية كبيرة، خصوصا وقد ظهرت في ساحة الموضة الكثير من الأسماء اللامعة التي تتخصص في هذا المجال بالذات، علاوة على أن الكثير من بيوت الأزياء العالمية تحرص على أن تطرح في الأسواق مجموعات متنوعة من «ايشاربات الرأس» تحمل أسماء متماشية مع خطوط الموضة الحديثة. بل إن العديد من بيوت الأزياء العالمية... وغيرها تطرح إيشاربات بأشكال كبيرة ومناسبة لهذا الغرض في الأسواق العربية والخليجية خصوصا. هذا عدا أنه أصبحت هناك مسابقات خاصة بـ "ملكة جمال الحجاب"... مع العلم أن مجموعة من ايشاربات الرأس بتوقيع مصمم الأزياء الدانماركى «مادس نور دقورد» كانت من ضمن الجوائز التي حصلت عليها الفائزة باللقب، مما يؤكد أنه حتى المصممين الأجانب لهم جولات وصولات في هذا المجال. ...غطاء الرأس لا يتماشى مع الأزياء فقط كما كان الاعتقاد سائدا في السابق، وإنما يجب أن يتناغم أيضا مع لون البشرة وشكل الوجه. فهناك ألوان تعتبر صديقة لكل البشرات، ...وتركز خبيرة التجميل على شكل الوجه في هذا الاختيار، ... عندما تصيبك الحيرة في اختيار لون الإيشارب الذي يتناسب مع ما ترتدينه ولون بشرتك، احرصي على أن تكون "البندانا» هي ما تتماشى مع لون الملابس والإيشارب مع درجة البشرة. ...على المرأة أن تختار من بين ربطات الحجاب ما يناسبها شخصيا، ويمنحها الراحة والثقة بشكلها، وما يتناسب مع حجمها وطولها. بعبارة أخرى، لا يجب أن تنساق إلى شكل ربطة معينة، فقط لأنها موضة لهذا العام". أ. هـ هل يمكن لمن يقرأ هذا التقرير أن يخطر بباله أن كاتبه وناشره وخبيرة التجميل ودور الأزياء من ورائهم يبتغون إرضاء الله به أوالحرص على تحقيق غاية الحجاب وهي العفة ؟؟ بالطبع ستكون الإجابة بالنفي القاطع، وبعدها يتهموننا بأننا ضحايا عقلية المؤامرة. إن مما ساعد على انتشار هذا الحجاب المزيف، عدة عوامل منها التأثير الإعلامي السيئ بتمييع قضية التعبد بالحجاب لدى المسلمات والمؤمنات، وطمع التجار المشتغلين بالحجاب ممن يطلبون الربح السريع ولا يتقيدون بالأحكام الشرعية، وأيضاً ضعف الوازع الديني عند قطاعات من المسلمين لم تتلقي التربية الإيمانية الكافية بسبب التقصير الرسمي والشعبي في مجال الدعوة الإسلامية.