الخلفية الدينية للحروب الصهيونية

الرابط المختصر
Image
الخلفية الدينية للحروب الصهيونية

تعددت الفتاوى اليهودية التي حثت الجيش الإسرائيلي على ممارسة أقسى أنواع القتل بحق الفلسطينيين في غزة ولم تستثن حتى الأطفال والنساء وكبار السن، وقد صدرت هذه الفتاوى من كبار الحاخامات والمرجعيات اليهودية وبعضها يمثل جهات رسمية كما هو حال " الحاخامية الكبرى بالجيش الإسرائيلي "، هذه الفتاوى المناقضة لروح الأديان السماوية القائمة على الرحمة والعدل والصفح، ونحن المسلمين نعتقد اعتقاداً جازماً أن الديانة اليهودية الحق ( وهي رسالة موسي عليه السلام ) بريئة تماماً من هذا الظلم والطغيان، وإنما هذا الطغيان هو من صنع الظالمين من بني إسرائيل الذين قتلوا الأنبياء وحرفوا التوراة وحاولوا قتل المسيح عليه السلام فحماه الله منهم ورفعه إليه. يمكن تسجيل ملاحظتين حول هذه الفتاوى: الملاحظة الأولى: أن هذه الفتاوى لم تلقَ ما تستحقه من استنكار ورفض لأنها تشرعن القتل الظالم والبشع لجيش معتدٍ ذي تاريخ ممعن في ارتكاب الجرائم. ولو أن  مثل هذه الفتاوى صدرت – لا سمح الله - من جهات إسلامية لوجدت جهات مثل موقع " MEMRI ميمري " الصهيوني ( المعني برصد البرامج الإسلامية واجتزاء مقاطع منها وترجمتها وعرضها ومراسلة وكالات الأنباء العالمية بها للتشهير بالإسلام ورموزه) أقام الدنيا ولم يقعدها !! لكن لأن العمل الإسلامي لا يزال يعيش مرحلة من الضياع والتيه يمارس فيها الحديث مع الذات معتمداً على خطاب ما ينبغي أن يكون دون برنامج للوصول إلى الغاية والمطلوب، رأينا أن مثل هذه اللحظة السانحة تضيع من أيدينا، وقريب من هذا أن العدوان على غزة امتد 23 يوماً وتوقف من أسبوعين تقريباً وكل الهيئات الإسلامية الرسمية والشعبية لم توثق جرائم جيش الاحتلال بعد !!  ولم تتفق على جهة تتولى القيام برفع دعاوى لمحاكمة القيادات الإسرائيلية المجرمة !! ولم تتضح بعد الآلية المناسبة لذلك !! وأخشي ما أخشاه أن تتعدد الاجتهادات أو الجهات بحسن نية أو حرصاً على الظهور والمكاسب الفئوية مما يشتت الجهود أو يحبطها بتعدد الدعاوى مما يسقطها أو يدخلها لعبة اللجان البيروقراطية الرسمية فيمضي الزمن ولا نحقق شيئاً، وفي المقابل بدأت إسرائيل بإجراءات ملموسة لحماية وحصانة جنودها من أي ملاحقة، ونحن لا نزال نراوح في مكاننا. والملاحظة الثانية: هي حول وحشيه العقيدة اليهودية والتوارتية المعاصرة، ولا يوجد دليل أكبر من هذه الفتاوى الجديدة على ذلك، والعجيب هو محاولة البعض نفي هذه الطبيعة العدائية للفكر اليهودي المحرف الذي لم يتورع عن قتل الأنبياء كما قال تعالى عن اليهود " ويقتلون الأنبياء " (آل عمران112)، والتعنت في الاستجابة لأوامر الله عز وجل كما في قصة التيه وذبح البقرة. من العجيب أن يحاول البعض أن يبرئ ساحة اليهود من كل شر ومن أمثلة هذه المحاولات ما يلي: جعل الفكر العنصري الغربي مصدر عدوانية اليهود للآخرين الذين يسمونهم " الأغيار " والذين يستحلون دماءهم وأموالهم !! وكل مطالع للتاريخ يعرف أن مصطلح " الأغيار " أقدم بكثير من العنصرية الغربية، كما أن الممارسات العدائية لليهود تجاه الآخرين كانت بشعة من زمن طويل جداً، ومن أبرز مظاهر العدوان على الآخرين ما يسمي " بفطيرة صهيون" وهي فطيرة تصنع في عيد الفصح معجونة بدم شخص غير يهودي. الإدعاء بأنه ليس للشريعة ولا العقيدة اليهودية دخل بتشكيل " عقلية الجتيو " لدى اليهود، بل " الجيتو " نشأ من التمسك بأشكال الحياة التي ألفها اليهود!! ورغم أن أبسط دارس للفكر اليهودي يعرف أن العزلة والانفصال عن الآخرين بدعوى أنهم شعب الله المختار هي مركز دينهم ومعتقدهم، ولذلك فاليهود دين غير تبشيري إنما يكتسب بالولادة من أم يهودية فقط. فعزلتهم جاءت بسبب استعلائهم على الآخرين من خلال اعتقادهم بأنهم شعب الله المختار ولأسباب تتعلق بطقوسهم وشعائرهم. القول بأن الصهيونية ليست وليدة للفكر اليهودي، بل هي وليدة للفكر المسيحي البروتستانتي! ولم تظهر الصهيونية بين اليهود إلا بعد عدة قرون من ظهورها بين البروتستانت!! والعقيدة اليهودية ليست صهيونية بذاتها، بل بسبب جهود طويلة لصهينة اليهودية قام بها الصهاينة اليهود بتوجيه ودعم من الغرب!! وهكذا بجرة قلم يشطب هؤلاء كل المعتقدات اليهودية بأرض الميعاد – فلسطين -والتي تم توارثها عبر تاريخهم الطويل، كما أنهم يتجاوزون حقائق التاريخ التي تنص على أن الاستيطان اليهودي في فلسطين عرف منذ القرن الثامن عشر بهجرات يهود روسيا نتيجة عداء الشعوب لهم بسبب مؤامراتهم، فتوجهوا لفلسطين بدوافع دينية يهودية. إن جعل اليهود شياطين وشر مطلق خطأ، لكن في المقابل جعل اليهود جماعات من البلهاء والسذج ليس لديهم دافع ديني في حربنا وقتلنا، وإنما هم مرتزقة جاء بهم المستعمر لبلادنا دون رغبة منهم ولا طمع، هو نوع من الخطيئة الكبرى، لأنه يصدر من منطلق علمي لفهم اليهودية وحربها فيقع في التسطيح وردة الفعل على الأقل فهذه مصيبة. أن ترويج مثل هذه الأفكار في كتاب " المدخل للقضية الفلسطينية " الذي يدرس كمقرر في بعض الجامعات العربية والإسلامية يشوه نظرة الطلاب للقضية الفلسطينية ويجعلها تقف على رأسها بدلا من قدميها، وأن يقوم بطباعة هذا الكتاب وترويجه منذ سنوات مركز دراسات يتبنى خيار المقاومة الإسلامية لهو من أشد العجب.