تتعرض القدس والمسجد القصى لموجة جديدة من الإرهاب اليهودي الذي يعمل على تغيير هوية القدس والمسجد القصى وجعلها هوية يهودية ضمن استراتيجية إسرائيل بإعلان إسرائيل دولة يهودية صرفة ! وإسرائيل والمجموعات الإرهابية اليهودية تعتمد في عدوانها على فتاوى يهودية تحث الجيش الإسرائيلي على ممارسة أقسى أنواع القتل بحق الفلسطينيين ولم تستثن حتى الأطفال والنساء وكبار السن، وقد صدرت هذه الفتاوى من كبار الحاخامات والمرجعيات اليهودية وبعضها يمثل جهات رسمية كما هو حال " الحاخامية الكبرى بالجيش الإسرائيلي "، هذه الفتاوى المناقضة لروح الأديان السماوية القائمة على الرحمة والعدل والصفح، ونحن المسلمين نعتقد اعتقاداً جازماً أن الديانة اليهودية الحق ( وهي رسالة موسي عليه السلام ) بريئة تماماً من هذا الظلم والطغيان، وإنما هذا الطغيان هو من صنع الظالمين من بني إسرائيل الذين قتلوا الأنبياء وحرفوا التوراة وحاولوا قتل المسيح عليه السلام فحماه الله منهم ورفعه إليه. ويمكن تسجيل ملاحظتين حول هذه الفتاوى: الملاحظة الأولى: أن هذه الفتاوى لم تلقَ ما تستحقه من استنكار ورفض من الحكومة الإسرائيلية ولا من المجتمع الدولى ولا من المؤسسات الحقوقية العالمية برغم أنها تشرعن القتل الظالم والبشع لجيش معتدٍ ذي تاريخ ممعن في ارتكاب الجرائم. الملاحظة الثانية: أن الفكر الإرهابي اليهودي يصدر حتى من جهات رسمية ويحظى بدعم ورعاية حكومية وعدد ضحاياه يفوق بأضعاف كثيرة جداً ضحايا غيره من أشكال الإرهاب. فلماذا يتم فقط التركيز على الإرهاب المنسوب لجماعات إسلامية ؟؟؟؟ إن فهم حقيقة الصراع بين الحق والباطل على أرض فلسطين، هو الخطوة الأولى لنصرة الحق ولذلك من الخطورة بمكان ما يقوم به بعض الناس من محاولة تبرئة العقيدة اليهودية من أي دور في الصراع والاعتداء على فلسطين وأهلها برفع شعارات براقة ومصطلحات مزخرفة مثل "اليهود جماعة وظيفية"، فإن هذا الفهم لهو فهم قاصر إن لم يكن فهم مضلل عمداً وقصداً !! والخطوة الثانية في طريق نصرة الحق هو التعامل الصحيح مع الصراع بين الحق والباطل بإتباع الحق وعدم الاعتداء حتى مع الباطل نفسه، كما في وصية أبي بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجنده "لا تغرقن نخلا، ولا تحرقنها، ولا تعقروا بهيمة ولا شجرة تثمر، ولا تهدموا بيعة، ولا تقتلوا الولدان ولا الشيوخ، ولا النساء، وستجدون أقواما حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له". ومما يلفت النظر في الصراع بين الحق والباطل في القدس، أننا أهل نصرة القدس والقصى منقسمين على أنفسنا في وقت نحن في أمس الحاجة فيه للوحدة؛ كما أن وجود فجوة واسعة بين الشعارات والهتافات التي تحبها وتصفق لها الجماهير وبين ممارسات القيادات جعل منها ثغرة يدخل منها العدو الإسرائيلي لزرع الإنقسام بين صفوفنا واشغالنا بأنفسنا وذواتنا بدلاً من أن ننشغل بعدوانه وإرهابه. أن نصرة القدس كما أنها لا تقوم إلا على الوحدة والتكاتف بين الجماهير والقيادات، فإنها أيضاً لا تتم في زمن قصير، وهي تحتاج لسياسة واعية وسديدة وتمتلك النفس الطويل، وهذا الصبر هو الذي مكن أجدادنا من فتح بيت المقدس على يد الفاروق عمر رضي الله عنه أول مرة، واستراداه مرة ثانية على يد البطل صلاح الدين من الصليبين. يقول الأستاذ وليد نويهض: "لم تأت إذن انتصارات صلاح الدين من فراغ، ولم تكن النتائج العسكرية التي حققها من دون مقدمات سياسية وتنظيمية وإدارية وإصلاحية وإحيائية امتدت على أكثر من قرن إلى أن بدأ قطف ثمارها في عهدي عماد الدين زنكي ونور الدين محمود زنكي الذي يعتبر المؤسس الحقيقي للتحولات الكبرى التي شهدتها بلاد الشام ثم مصر"([1]) . وهذه الإستراتيجية الطويلة في نصرة القدس والدفاع عن الأقصي ليس عمادها السلاح رغم اهميته بل عمادها الحقيقي بناء المجتمع الإسلامي القوي بدينه وأخلاقه وعلمه وعمله، ويكفي في إثبات هذا اعتراف البطل صلاح الدين حين أعلن لجنوده: " لا تظنوا أني فتحت البلاد بالسيوف، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل "، ويقصد القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني العسقلاني. والذي قاد عملية بناء المجتمع ونشر الدين والعلم والأخلاق فيه فتكون للمسلمين جيشاً يمكنه هزيمة الصليبيين. وإن ما تعانيه اليوم مجتمعاتنا من تدهور قيمي وتراجع اخلاقي وانفلات اعلامي هابط لهو من أشد أسلحة إسرائيل في عدوانها على القدس والأقصى، ومقاومة هذا الإنحلال الأخلاقي والقيمي لهو الخطوة الأولى في سبيل حماية القدس والأقصى، وإلا لولا مياعة الجيل هل تجرأ قطعان المستوطنين واليهود على تدنيس الأقصى لولا اطمئنانها أن مظاهرات الشباب لا تخرج اليوم في العواصم العربية إلا بسبب مسابقات سوبر ستار وكأس العالم !! إن مراجعة تدهور سياسات التعليم والتربية والأخلاق لهي حاجة ماسة، وغن دعم صمود الأهل في القدس والأقصى بإجراءات سريعة سياسية ومالية ومعنوية لهي أولوية قصوى، ويجب الترفع الآن عن أي انقسامات أو خلافات في سبيل صد العدوان الإسرائيلي واليهودي. [1]) ـ وليد نويهض، صلاح الدين الأيوبي.. سقوط القدس وتحريرها: قراءة معاصرة، ص78، ص74.
كيف نخدم القدس والأقصى
2014/06/01
الرابط المختصر
Image