خيارات الواقع المر

الرابط المختصر
Image
خيارات الواقع المر

في هذه الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا يتعرض الفرد المسلم و المجتمع المسلم لمعاناة قاسية وظالمة ، تكاد تذهب بالاستقرار والأمان وتخنق الأمل اللازم للحياة ، وتتنوع مصادر هذه المعاناة الظالمة بين ما يسمعه ويشاهده في وسائل الإعلام أو ما يعايشه في ليله ونهاره، أما أسباب هذه المعاناة فأسباب عدة منها: 1- ما يتعلق بدينه وإسلامه كما في العدوان الباطل على رموز الإسلام ومقدساته سواء من غير المسلمين عبر الرسوم المسيئة والأفلام الحاقدة أو من ينتسبون لأمة الإسلام بالإسم والمولد ولكنهم يعلنون عدائهم لإمتهم ودينهم بسياساتهم كما يفعل غلاة علمانيوا تركيا أو أفكارهم و فنونهم وثقافتهم تحت ستار الإبداع أو حرية التعبير أوحتى الإصلاح !!! التي تمجد الجنس والشذوذ والإلحاد وكسر المقدسات أو ما يحلو لهم تسميته " التابوهات" وتدافع عن الجناة والمجرمين وحقوقهم في حين تفرط في حق الأبرياء والضحايا!! 2- ما يتعلق بحياته ومعاشه ، من القوانين الظالمة والمجحفة على كافة المستويات السياسية والإقتصادية أو الإجتماعية كما في طلب محاكمة حزب العدالة بتركيا أو قوانين منع المظاهرات ضد إسرائيل في الضفة الغربية! أو ما تشهده الانتخابات العربية من مبرمج لإقصاء الحركات الإسلامية ،أو تردي وضع الخدمات العامة والبنية التحتية، أو الغلاء الفاحش و التضخم مع انخفاض الأجور والقيمة الشرائية. 3- ما يتعلق بأهله وجيرانه ، من احتلال يرزحون تحته أو عدوان يشتت جمعهم أو ظلم يضيع حقهم كما في حال فلسطين والعراق والشيشان والصومال وكوسوفا وغيرها من الدول والأزمات. وهذه الأحداث والأزمات المتلاحقة تضغط بشدة على الفرد والمجتمع المسلم مما يتوجب معه أن يكون لهما موقف ودور، وهنا يوضعان رغماً عنهما أمام خيارين سيئين عليههما أن يختارا أحدهما. الخيار الأول هو خيار الضياع والانسحاق بالتماهي مع ما تروج له القنوات الهابطة من العيش في الشهوات والملذات ومتابعة الموضات الوسخة كالخصر الساحل أخيراً، أوالحلم اللذيذ بالزواج من الجميل الطويل الأشقر وامتلاك السيارة الحديثة وسكن الشقة العصرية والحياة الراقية وارتياد المطاعم والمسابح والمراقص وذلك كله لن يتحقق إلا عبر بوابة القروض الربوية المحرمة، وهذا طبعاً مع العزوف عن الاهتمام بالشأن العام محلياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً ، والاكتفاء بمتابعة الأبراج عن البوارج وأخبار الفنانين بدلا من أخبار المواطنين وهكذا... والخيار الثاني هو خيار العنف وردة الفعل والعاطفة الجامحة، وهو ما تروج له القاعدة عبر وسائلها الإعلامية، وتحاجج القاعدة وأمثالها من أن طريق الديمقراطية التي سلكته الحركات الإسلامية لم يوصل لشيء فهاهم انقلبوا على خيار الشعوب في اختيار النواب الإسلاميين، إما بتضييق مقاس الديمقراطية عبر إبداعات متتالية ففي قوانين الانتخاب!! أو اللعب على المكشوف باعتقال المرشحين و ضرب الناخبين. كما أن القاعدة تحاجج أن السلوك الحضاري والعقلاني ماذا رد عنا من سفاهات وعدوان الغرب بالهجوم والإساءة إلي النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك تقدم القاعدة منهجها من أن لغة القوة والسلاح هو ما يفهمه الغرب و يحقق المصالح!!   والخطورة هنا تكمن في أن البدائل المفترضة لهذين الخيارين تعاني من أزمات داخلية تعصف بها وممارسات رسمية تضيق عليها بما يصرف الناس عنها. وهذا الوضع المعقد والمركب من أوضاع سيئة تضغط بشدة، وخيار مغري تروجه الفضائيات ويلقي رواج كبير جداً – 58% من الفتيات في منطقتنا تتابع برامج تلفزيون الواقع مما يفصلهن عن الواقع- أو خيار القاعدة الذي يجذب الناس بحبهم للقوة وكرهم للظلم والعدوان ، مع ضعف وهزال لدي البدائل الأخرى المفترضة في تقديم خطاب هادف وبناء يحمل حلول صحيحة ممكنة التطبيق يعزز الأمل بمستقبل واعد، يجعل مهمة الفرد المسلم والمجتمع صعبة جداً في المحافظة على نفسه وعقله ودينه. فهو يرفض أن تسحقه هذه الظروف السيئة ولا يقبل أن يكون عضواً في القطيع الذي تربيه الفضائيات الساقطة كما أنه يأبي أن يتخلى عن عقله وإيمانه لقادة القاعدة الذين " لا الإسلام نصروا والكفر كسروا " على حد تعبير شيخ الإسلام في حق المتكلمين. ولكن هذا الفرد أو المجتمع يبحث عن معين ونصير له في معاناته هذه فلا يكاد يجد، ولذلك إن العمل على توسيع دائرة الأمل والعمل الهادف للفرد والمجتمع المسلم يكاد يكون في سلم الأولويات اليوم لكل المخلصين لهذه الأمة الإسلامية. للخروج من هذه الأزمة الخانقة يجب مراعاة الأمور التالية: نشر العلم والمعرفة بالدين والدنيا ، حيث أن العلم هو أول المراتب " ‏فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم "(محمد :19). تقدير العواقب والمآلات من أهل الحكمة والخبرة، والحذر من فتنة الأصاغر وهم الصغار الذين يتكلمون في القضايا الكبري ، أو فتنة الرويبضة وهم التافهون الذين ينظرون للناس ، كما جاءنا في السنة النبوية. التحلي بالصبر على الشهوات بعدم الانجرار خلف الشهوات الدنيوية الفاسدة، و الصبر على المكاره بتجنب الشباب المتهور المندفع ولو غطى غبار المعارك سائر جسده!